لبس العالم ثوب الحداد الأسود .. ترى الجميع يبكي ضحايا القوم ..
وأنا .. كمغترب يعيش في الغرب مطلوب مني أن أتوارى عن الأنظار .. أن أستحي من ديني وأن أشعرَ بالعار !
فهي ذي تفجيرات وقتل لأبرياء منسوبة لمجموعة تنسب نفسها إلى إسلامي الذي أحب ..
عليّ كمسلم -ولا شك- أن أستنكر هذه الأفعال التي لا تمثل إسلامي الذي يعلّمني أنه مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا ..
ولكني وكمسلم لن أذهب لأتباكى مواسياً لمن يلعب دور الضحية .. وهو من جهابذة الإرهاب فكراً وتطبيقاً ..
مرة أخرى .. لست أرضى ما جرى لهؤلاء الأبرياء .. وهذا أمر مفروغ منه ..
لكن ..
قد أبحرت مراراً في تاريخ أوطاني .. وتلعثمت بشاطئ أحزاني .. إذ إني أتابع واقع أمتي من بعيد .. أتحسس أخبارها يوماً بعد يوم .. وأرى ما آلت وما زالت تئول إليه أمة الأسى والأحزان ..
لن تُمحى من ذاكرتي صور الاستخراب الأوروبي في بلادي ..
إرهابهم .. مجازرهم .. وإلا لمَ تُسمّى الجزائر بلد المليون شهيد ؟؟
قد فاق ضحايانا بفعل الجيش الفرنسي المليون ونصف المليون شهيد ..
بل لا تزال جرائمهم إلى يومنا هذا .. ما هذا التدخل السافر في مالي ؟؟
ومطلوب مني أن أشعر بالعار ؟ أن أطئطئ رأسي وأتوارى عن الأنظار ؟؟
أم أن أرفع أعلامهم تعبيراً عن حزن أو إعتذار ؟؟ كي ترفرف كما هي في صفحات بني قومي !!
وودت لو أني رأيت صوراً تُظهر بعض الاهتمام لقضية الأقصى والانتفاضة ! أو شعارات حزن لما جرى من محرقة في رابعة .. أو تغريدات صادقة عن عجزنا لما يجري في سوريا .. سوريا التي تولد فيها الدماء ولادة .. حتى توقفنا عن عد الشهداء فيها .. أو ما يجري في بورما أو تركستان الشرقية .. أو .. والسلسلة تطول بعد أو ..
لست أستغرب تطرف الرأي العام العالمي .. فهو دائماً يقف ضد قضايانا ..
قد عَمِل الغرب وتحرّك ، قد صنعوا حضارة -أي نعم إرهابية- وأقاموا دولة -أدري أنها إجرامية- لكنهم فعلوا ..
والحق علينا نحن ..
نحن الذين لم نفعل أو نحرّك ساكناً ..
هذه الأمة .. بُليَت بابتلاءات كثيرة ..
هي نحن .. وأصنافنا خمسة كعدد أصابع يدي التي ما بها حيلة !!
أولها .. (١) حكّام لا يرون الحكم غير كرسي ودبابة !! لا يفقهون من الرجولة سوى شعر وشنب .. فاقدين أي حس من شعور أو أدب ..
وثانيها (٢) أشباه علماء ضيّعوا الدين في نفوس الناس .. فضعنا من الدنيا ومالنا من قرار !!
وصرنا نُصنّف بالعالم الثالث الذي لا رابع له !!
والصنف الثالث (٣) أعداد كبيرة .. شعوب غفيرة .. لا فائدة من وجودهم إطلاقاً !!
غارقون في جهالة .. كل اهتماماتهم قشور سطحية فارغة .. تراهم يلهثون خلف الأهواء .. منهم من يركض وراء جلدة داخلها -كأفئدتهم- هواء ! ومنهم من يحرص على شكل ومظهر وماله من جوهر ..
أماالصنف الرابع (٤) فـ مجموعة من متطرفين .. يَدعون إلى الحق وليسوا من أهله ..
وأخيراً (٥) قلة من رجال ، أهل حكمة وأفعال .. وفيهم علماء .. أكثرهم في السجون .. وممن بقي منهم قد تسمعه يتكلم على خجل .. تراه يشخص ببصره خوفاً مما وراء الشمس !! جَبُنَ فسكت .. فظنّ أهل الباطل بسكوته أنهم على حق !! والأمل في هولاء ..
بنا أمتي نتخطى عقباتنا ..
نُصحح أفهامنا فنغيّر واقعنا .. لنرسم مستقبلنا .. حضارة من نهج قرآننا وسنة نبينا عليه الصلاة والسلام ..
لن أتوارى عن الأنظار ..
أقولها للمرة الأخيرة .. أنا مسلم .. أستنكر ولا أرضى إرهاب المتطرفين ممن ينتسبون لإسلامي الذي أحب ..
وأستنكر ولا أرضى أبداً الإرهاب الغربي الذي بدأوه أولاً .. وكما تقول العرب البادي أظلم !