من ضوء القمر

وأنا خارج من باب المسجد بعد أداء صلاة العشاء ليوم الثلاثاء ليلة الأربعاء 15\جمادى الآخر\1432هـ

لفت نظري جمال وروعة القمر في السماء .. وحوله السحب التي أشعر أنها وقفت هناك خصيصاً لأراها من زاويتي تلك ، وكأنها تعلم أنني إعلامي وأحب الزوايا المبدعة !

المهم قلت لنفسي: سبحان الله المبدع .. يالها من لقطة .. ويا لجمال وروعة وتمام هذا القمر وكماله .. وما أحلى نوره وهدوءه وسكونه وصفاءه !

ثم قلت لنفسي وأنا أبتسم : "كيف أنني قررت أن أكون جميلاً لأفكر بهذا الجانب المشرق للقمر فوصفته بكل تلك الصفات"

فلو أنني فكرت وأنا أقف بنفس المكان عند باب المسجد وأنظر لنفس اللقطة وأقول: "ما أبشع هذا القمر! فلقد سرق ضوء الشمس وادّعى أنه صاحب المصدر! وقد يظن الكثير أن القمر جميل ويرمز للصفاء والنقاء ، بيد أنه في الواقع مليء بالعيوب والندب والحفر وأرضه غير مستوية ولا صافية لو دققنا النظر فيه! "

فضحكت وحدي .. ثم قلت : "إن القمر هو نفسه القمر .. والمكان الذي أقف فيه هو نفسه المكان .. والشخص الواقف هو ذاته الشخص -أنا- فما الذي اختلف بين الحالتين ؟!"

ما الاختلاف بين جمال القمر وبين العيوب على سطحه؟ وما الاختلاف بين روعة ضوءه وبين سرقته لنور الشمس ؟ فأيقنت أن الفرق هو بالنظرة عند الشخص ..

فأنا الجميل ورأيت الوجود كذلك .. أو أنا القبيح فأرى القبح في كل مكان ..

إنها عدسة .. قد أرتديها فيتغير لون ما حولي إلى لونها .. فإذا كنا لا نقدر على تغيير المناظر ، ولكننا نقدر على تغيير العدسة التي ننظر من خلالها .. فنصبح كالنحلة تحلق بين الزهور لتجمع لنا أجمل العسل .. أو نكون كالذبابة التي تذهب للجرح ولا ترى إلا الدم .. ففرق كبير بين من يرتدي عدسة النحلة المتفائلة الإيجابية وبين من يرتدي عدسة الذبابة المتشائمة السلبية ..

ثم تكاثر السحاب حول القمر .. حتى أنني لم أكد أراه وكدت أوقن أن لا وجود للقمر هناك!!

ثم قلت لنفسي: كيف أن البعض لجهله أو لسحاب قاتم متراكم أمام عينيه .. قد يلغي وجود الأشياء أو يتسرع بالحكم دون أن يستوضح الأمور .. فإذا كنت لا أرى القمر فلا يعني هذا أن القمر ليس موجود .. فقد نلتمس وجوده من ضوءه الخافت الجميل الذي ينعكس على البحر وعلى الرمال وعلى الأشجار وعلينا جميعاً ..

وفي المقابل إذا كنت لا أرى مبدع وخالق هذا القمر فلا يعني هذا بأي شكل من الأشكال أن الخالق المبدع لا وجود له –حاشاه جل وعلا- بل إننا نلتمس وجوده جل وعلا من القمر وروعته .. بل نلتمس وجوده من الوجود كله ..

وأخيراً .. اعلموا أنني لست كاملاً! وقد اقتبس نوراً من غيري وأحاول أن أضيء به في أمكنه أخرى .. فهل أنا مدّعي كاذب أو سارق ؟!! هذا يعتمد لنظرتكم .. وتختلف الرؤية على حسب العدسة التي تستعملونها !

فانظروا إليّ كما تشاءون .. وسأنظر أليكم بنظرتي الإيجابية التي تعلمتها من النحلة رغم كل النقائص والعيوب التي قد أراها أو لا أراها مع علمي بوجودها عند الجميع .. فالكمال لله .. وكما يقول بن الجوزي "الكمال عزيز .. والكامل نادر الوجود"

ثم وصلت إلى باب المنزل .. وذهبت مسرعاً إلى غرفتي .. لأكتب ما دار في رأسي وأشارككم فيه بعفوية تامة ..

وتوجهت للنافذة .. ونظرت للسماء .. فإذا بالسحب والغيوم تنجلي ليظهر القمر وحيداً مزهواً بخلقته ..

واسمح\ـي لي أن أطلب منك الآن .. النظر إلى القمر مع ابتسامة عريضة .. ثم يقين بوجود خالق هذا القمر مع استشعار معيتة جل وعلا .. والآن عبادة الدعاء ومناجاة رب هذا القمر .. فإنه يملك بين يديه كل الأمور .. بل كل شيء :)

محمد يغمور

14 جمادى الآخر 1432هـ

بعد يوم حافل من التصوير لبرنامج أسلحة2