دعوني أفضفض .. وأحكي لكم ماذا حصل لي هذا العام ..
أولاً لقد انزعجت بتقسيم أرضي بين الشمال والجنوب لأنني سوداني ..
وبعدها احترقت وأشعلت النار على نفسي لأنني تونسي ..
ثم غرقت بعدما تدفقت المياه لكي تبرّد عليّ بعد الحريق بالأمطار ، ولكن أصبحت الأمطار أنهاراً –والكارثة أنها ليست المرة الأولى وأخشى أنها ليست الأخيرة- لأنني جداوي ..
وبعدها نزلت الشارع مجدداً وثبتّ على موقفي حتى فرحت بما نلته من جرّاء ثباتي وصمودي وخصوصاً عندما رأيت الفرعون الجديد مومياءً مثل فرعون موسى ، وطربت لمّا سمعته يقول: حاضر افندم أنا موجود ! لأنني مصري ..
ثم تضايقت لما رأيت رمزاً من رموز عالمنا العربي –على اختلافي مع مبادئه وأفعاله إلا أن ما أعرفه أنه يشهد أن لا رب له سوى الله وأن لا نبي بعد محمدنا ، ومع أني لست متأكداً إن كان فعلاً قد قتلوه أو لا- فيضايقني مبدأ أن أراه يُلقى جثة بالبحر ولا يدفن ويوارى بالتراب كما يجب بتعاليم ديننا !
ثم تأذيت من مجنون يملك زمام أمر أرضي ، القمامة في هذه الأرض خير مما يحمله في عقله ! لأنني ليبي ..
وبعدها بقيت صامداً في الأرض السعيدة وسُعِدتُ بما أَصَابَ مَن خَرَجتُ لأجلِ أن أُخرِجَهُ لأنني يمني ..
وسررت لما تم التمديد للمرة الثالثة على التوالي لحزب العدالة والتنمية لأنني تركي ..
والآن أتأذّى وأتألم ومع هذا لا أزال صامداً بل وشامخاً لأنني سوري ..
وأيضاً أتضور جوعاً وأتمنى لقمة آكلها أو شربة ماء تبلل شفاهي على الأقل ، لا لأنني صائم مختاراً لصومي الذي أعرفه برمضان من الإمساك فجراً حتى الإفطار عند الغروب .. فأنا أصوم الليل والنهار مجبراً على مرّ الأيام لأنني صومالي ..
وأنا طوال عمري عامل بنجالي وباكستاني .. وسائق هندي .. وخادمة إندونيسية .. وأعيش غربة مع أقلية في بلاد غريبة لأنني من الجالية العربية والإسلامية ..
ولا زلت هذا العام بل وكل عام منذ أكثر من 90 عام أتجرّع الذل والهوان .. أنزف الدماء وأفوح بالشهداء لأنني فلسطيني ..
آه .. أعيش ضمن أمة هي واحدة في أصلها ، وسيّدها الذي تُجمع عليه جموع الأمة وتحبه بل وتقتدي به ، قد قال أنها : أمة الجسد الواحد ، اذا اشتكى منها عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ..
وتذكرت الأبيات المعبرة التي تخاطب قلبي قائلة :.
ولست أدري سوى الإسلام لي وطناً :: الشام فيه ووادي النيل سيان
وأينما ذكر اسم الله في بلد :: عددت أرجاءه من لبَّ أوطاني
لو اشتكى مسلٌم في الصين أرّقني :: أو اشتكى مسلم في الهند أبكاني
فمصر ريحانتي والشام نرجستي :: وفي الجزيرة تاريخي وعنواني
وفي العراق أكف المجد ترفعني :: عن كل باغ ومأفون وخّوان
ويسكن المسجد الأقصى وقبته :: في القلب لا شك أرعاه ويرعاني
أرى بخارى بلادي وهي نائية :: وأستريح إلى ذكرى خراسان
شريعة الله لمت شملنا وبنت :: لنا مقاماً بإحسان وإيمان
هذه قصتي .. وهذا ما حصل لي خلال هذا العام الجاري حتى الآن ..
ولا يزال العام مستمراً .. ورغم الآهات والأنين والآلام إلا أن هناك آمال وأفراح ..
فأنا على يقين بأنه مع نهاية هذا العام .. سيكون نهاية بل موت الذل والعار والعبودية .. وستسطع شمس الحرية والعدالة ..
و والله لا أكذب عليكم أو أبالغ حين أقول : أرى أمتي سيدة الأمم والحضارات بل وشمساً تشرق للحضارات كلها ..
فـ لا خير في العيش إن كانت حضارتنا :: في كل يوم لها تنهد أركان
ولا خير في العيش إن كانت مبادئنا :: جادت علينا بها للكفر أذهان
صدقوني .. ستغدو كل أيامنا بعد عامنا هذا ربيعاً رائعاً .. فلا صيف حارق يحرق قلوبنا ويغيظنا بالظلم وبالفساد ! ولا شتاء قارص يبرّد علينا أو يطفئ حرارة حماسنا للعودة إلى الله ورفعة ديننا مجدداً .. وإنما خريف تسقط معه رموز الفساد والطغيان .. وبعدها الربيع الواعد الذي طال انتظاره والوحدة العربية بل والإسلامية التي تحلو معها الصلاة بالمسجد الأقصى المبارك بعد تحرير تلك البقعة المباركة لتصبح طاهرة شامخة مقدسة كما الحرمين الشريفين .. (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) 88 ص
أخيراً ..
أسأل الله أن يستخدمني ويستعملني بنصرة دينه ولا يستبدلني أبداً حتى ألقاه راضياً عني غير غضبان .. اللهم آمين ..
هذه هي حكايتي .. و أدعوا الله أن يَمُن علينا كما يقول الشاعر :.
يا رب .. امنن علينا براع ٍ أنت ترضاه
راع ٍ يعيد إلى الإسلام سيرته :: يرعى بنيه وعين الله ترعاه
محمد محمود يغمور
15 رمضان 1432 هـ
رسالة شكر وتضامن ووقفة مع الأخ الفاضل محمد يغمور ،ولكل من هم على شاكلته وسارعلى دربه الذي هو نهج الحبيب ، نفع الله بكم ، ووفقكم وسدد على طريق الحق خطاكم ، وجعل الجنة ممشاكم ومستقركم وسكناكم .
ردحذفشكراً جزيلاً لكي أختي الكريمة ..
ردحذفاللهم آمين ..