الأحد، 10 أبريل 2011

..:: آخر اللحظات لسيد المخلوقات ::..


قبل الوفاة كان النبي صلى الله عليه وسلم قد حج حجة الوداع ، وهناك نزل قول الله عز وجل:-
"اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا"
فبكى أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ما يبكيك؟ فقال: هذا نعي رسول الله!
ورجع الرسول من حجة الوداع وقبل الوفاة بتسعة أيام نزلت آخر آية في القرآن الكريم:-
"واتقوا يوماً تُرجَعون فيه إلى الله ثم تُوفّى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون"

وبدأ الوجع يظهر على الرسول صلى الله عليه وسلم ، فذهب ليزور شهداء أحد ووقف على قبور الشهداء وقال: السلام عليكم يا شهداء أُحد .. أنتم السابقون ونحن إن شاء الله بكم لاحقون وإني بكم إن شاء الله لاحق ..

وأثناء عودته بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ما يبكيك يا رسول الله؟

قال: اشتقت لإخواني ...

قالوا: أولسنا إخوانك يا رسول الله؟!؟

قال: لا .. أنتم أصحابي .. أما إخواني فقوم يأتون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني ...

وقبل الوفاة بثلاثة أيام بدأ الوجع يشتد على الرسول وكان ببيت السيدة ميمونة ، فقال: اجمعوا زوجاتي
فَجُمِعَت الزوجات وقال النبي صلى الله عليه وسلم: أتأذنون لي أن أَمُرّ ببيت عائشة؟ فقلن: آذنّا لك يا رسول الله ..
فأراد أن يقوم فما استطاع ، فجاء علي بن أبي طالب والفضل بن العباس فحملوا النبي فطلعوا به من حجرة السيدة ميمونة إلى حجرة السيدة عائشة ، وعندها كانت أول مرة يرى الصحابة النبي محمول على الأيادي فتجمع الصحابة وقالوا:-

مالِ رسول الله ..؟؟ مالِ رسول الله ..؟؟
وبدأ الناس تتجمع بالمسجد وامتلأ المسجد بالصحابة ..



فيبدأ الرسول يعرق .. ويعرق .. ويعرق .. وكانت السيدة عائشة تأخذ يد الرسول وتمسح عرقه بيده (تقول السيدة عائشة : إن يد رسول الله أطيب وأكرم من يدي فلذلك أمسح عرقه بيده هو وليس بيدي أنا)

تقول السيدة عائشة فأسمعه يقول:-
لا إله إلا الله .. إن للموت لسكرات ،،، لا إله إلا الله .. إن للموت لسكرات ،،،

فبدأت الأصوات داخل المسجد تعلو ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما هذا؟ فقالت عائشة: إن الناس يخافون عليك يا رسول الله ، فقال: احملوني إليهم .. فأراد أن يقوم فما استطاع ، فصبوا عليه سبع قرب من الماء لكي يفيق ، فَحُمِلَ النبي وصُعِدَ به إلى المنبر ..
فكانت آخر خطبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وآخر كلماتٍ لرسول الله صلى الله عليه وسلم وآخر دعاءِ لرسول الله صلى الله عليه وسلم ..

قال النبي: أيها الناس .. كأنكم تخافون عليّ ..

قالوا: نعم يا رسول الله ..

فقال النبي: أيها الناس .. موعدكم معي ليس الدنيا ، موعدكم معي عند الحوض ، والله ولكأني أنظر إليه من مقامي هذا ..
أيها الناس .. والله ما الفقر أخشى عليكم ، ولكني أخشى عليكم الدنيا أن تتنافسوها كما تنافسها اللذين من قبلكم فتهلككم كما أهلكتهم ..

ثم قال: أيها الناس .. الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم .. فظل يرددها ثم قال: أيها الناس .. اتقوا الله في النساء ، أوصيكم بالنساء خيراً ..

ثم قال:-
أيها الناس .. إن عبداً خيّره الله بين الدنيا وبين ما عند الله .. فاختار ما عند الله ..

وقد كان يقصد نفسه عليه الصلاة والسلام ، ولم يعي ذلك سوى أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، فلما سمع ذلك لم يتمالك نفسه ، فبكى وعلا نحيبه ، وفي وسط المسجد قاطع الرسول وبدأ يقول له:-
فديناك بآبائنا يا رسول الله .. فديناك بأمهاتنا يا رسول الله .. فديناك بأولادنا يا رسول الله .. فديناك بأزواجنا يا رسول الله .. فديناك بأموالنا يا رسول الله .. ويردد ويردد فنظر الناس إلى أبو بكر (كيف يقاطع الرسول بخطبته!)

فقال الرسول: أيها الناس .. فما منكم من أحد كان له عندنا من فضل إلا كافأناه به .. إلا أبا بكر فلم استطع مكافأته ، فتركت مكافأته إلى الله تعالى ..

وآخر الكلمات قبل أن ينزل عن المنبر مُوَجّه للأمة:-
أيها الناس .. اقرءوا مني السلام على من تبعني من أمتي إلى يوم القيامة ...

وحُمِل مرة أخرى إلى بيته

ودخلت ابنته فاطمة فبكت عند دخولها ، بكت لأنها كانت معتادة كلما دخَلَت على الرسول وقف وقبّلها بين عينيها ولكنه لم يستطع الوقوف لها هذه المرة ..

فقال لها الرسول: اقتربي مني يا فاطمة .. فهمس لها بأذنها .. فبكت ..
ثم قال لها الرسول: اقتربي مني يا فاطمة .. فهمس لها مرة أخرى بأذنها .. فضحكت ..

فبعد وفاة النبي سُئلت فاطمة ماذا همس لك النبي فبكيتي وماذا همس لك فضحكتي ..؟!
قالت فاطمة رضي الله عنها: أول مرة قال لي يا فاطمة إني ميت الليلة .. فَبَكَيتُ ..
ولما وجد بكائي رجع وقال لي: أنتِ يا فاطمة أول أهلي لحاقاً بي .. فَضَحِكتُ ..

ثم نام النبي على صدر زوجته السيدة عائشة ..
فقالت السيدة عائشة: كان يرفع يده للسماء ويقول:-

(( بل الرفيق الأعلى بل الرفيق الأعلى ))

فعرفت من خلال ذلك أنه يُخّير بين "حياة الدنيا" أو "الرفيق الأعلى"

فدخل المَلَك جبريل على النبي وقال: مَلَك الموت بالباب ويستأذن أن يدخل عليك وما استأذن من أحد قبلك ، فقال له إإذن له يا جبريل ، ودخل ملك الموت وقال السلام عليك يا رسول الله ، أرسلني الله أِخَيّرك بين البقاء في الدنيا وبين أن تلحق بالله ..

فقال النبي: (( بل الرفيق الأعلى بل الرفيق الأعلى ))

وقف مَلَك الموت عند رأس النبي (كما سيقف عند رأس كل واحد منا) وقال:-

أيتها الروح الطيبة روح محمد ابن عبدالله أخرجي إلى رضىً من الله ورضوان وربٍ راضي غير غضبان

تقول السيدة عائشة : فسقطت يد النبي وثقل رأسه على صدري فقد علمت أنه قد مات ، وتقول ما أدري ما أفعل فما كان مني إلا أن خرجت من حجرتي إلى المسجد حيث الصحابة وقلت:-

مات رسول الله ..!! مات رسول الله ..!! مات رسول الله ..!!

فانفجر المسجد بالبكاء ..!!

فهذا عثمان بن عفان كالصبي يأخذ بيده يميناً ويساراً ..
وهذا عليّ أُقعد من هول الخبر ..
وهذا عمر بن الخطاب قال: إن أحد قال إنّ محمداً قد مات سأقطع رأسه بسيفي ، إنما ذهب للقاء ربه كما ذهب عيسى للقاء ربه ..

أما أثبت الناس فكان أبو بكر رضى الله عنه فدخل على النبي وحضنه وقال: واخليلاه .. واحبيباه .. واأبتاه .. وقبّل النبي وقال: طبت حياً وطبت ميتاً ..

فخرج أبو بكر رضى الله عنه إلى الناس وقال:-

من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ،،، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ،،،

تقول السيدة عائشة: ثم خَرَجتُ أبكي وأبحث عن مكان لأكون وحدي وأبكي لوحدي ...

*** النهاية ***
هذه نهاية حياة سيد الثقلين .. ولكن ..
تعاليم مُحَمّد .. لم ولن تنتهي ..
وما وضعه عليه الصلاة والسلام من بصمات في هذه الدنيا باقٍ ..
فمُحَمّد باقٍ ما بقيت دنيا الرحمن ..





وأنا على العهد ...
هيا جميعاً نجدد العهد ...


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق